أصدرت نقابة الجيولوجيين الأردنيين بيانا حول فاجعة البحر الميت، جاء فيه:

قال تعالى :(وَبَشِّرِ الصَّابِرِين، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون )

ببالغ مشاعر الحزن والأسى والألم تتقدم نقابة الجيولوجيين الأردنيين بالعزاء لأهالي شهداء الوطن بالمصاب الجلل الذي أوجعنا بفقدان ثلة من فلذات أكبادنا ومعلمين ومواطنين في منطقة البحر الميت ،سائلين المولى العلي القدير أن يتغمدهم برحمته وغفرانه وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل.

وإننا في هذا المصاب الأليم إذ نثمن عاليا دور القوات المسلحة والدفاع المدني وكافة الاجهزة الأمنية وجميع الكوادر الطبية وكل من ساهم في عملية الاخلاء والإنقاذ من الشعب الأردني ، للجهودالمضنية التي بذلوها تلبية للواجب الانساني والأخلاقي تجاه المحاصرين بالمياه.

ولا بد من الإشارة إلى أن فداحة الخسارة وهول المصيبة تقتضي بالضرورة إلى تشخيص علمي دقيق لمجمل عملية الانزلاقات والانهيارات والفياضانات وكل ما يتعلق بالكوارث الطبيعية تفسيراً وتحليلاً ، وتسمية الامور بمسمياتها بعيداً عن التسويف وكسب الوقت وبعيداً عن موجات الشائعات التي لا تستند إلى دليل علمي ورأي متخصص وهنا يبرز الدور الهام للتفسير والتحليل لعلم الجيولوجيا من أصحاب الاختصاص في هذا المجال .

وإننا في نقابة الجيولوجيين الاردنيين ومنذ عدة سنوات نعلن ونحذر من حدوث هذه الظاهرة في مواقع مختلفة في الاردن وقدمنا الدراسات التي تم انجازها في هذا المجال والابحاث العلمية الرصينة من أساتذة وطلاب دراسات عليا قدموا ابحاث علمية ميدانية موثقة ، وتواصلنا مع المعنيين في الحكومات السابقة بكتب ومخاطبات رسمية وتصريحات وورش علمية لتسليط الضوء على هذه الظاهرة وكانت أبرز محاور مطالباتنا ومناشداتنا حول ما يلي :

أولاً : علم الجيولوجيا بمختلف تفرعاته هو العلم القادر على دراسة الأرض سطحها وباطنها بغية فهمها فهماً حقيقياً تمهيداً لإقامة المنشآت المختلفة (سدود،انفاق،جسور، عبارات تصريف المياه والمنشآت والمباني الكبيرة المختلفة....) .

ثانياً : نستغرب عدم إشراك النقابة بالموافقات المطلوبة قبل البدء بالمشاريع الكبرى لعمل دراسات جيولوجية وهيدرولوجية وتركيبيبة لبيان الرأي المهني المختص لطبيعة الأرض التي ستقام عليها المنشأة .

ثالثاً : نعود ونكرر ونحذر من أن عدم اعداد خارطة جيولوجية تبين البؤر الساخنة والمواقع المحتملة للانزلاقات والانهيارات وتصنيفها حسب مدى خطورتها ، وإعداد الخطط والموازنات اللازمة لمعالجتها قبل انهيارها وذلك لأن 
الخسائر البشرية والكلف المادية المترتبة بعد الانهيار ستكون كبيرة ، بما في ذلك مطالبتنا المستمرة منذ زمن بتركيب أجهزة إنذار مبكر ودراسة موضوع الحفر الخسفية على شواطىء البحر الميت ودراسة مستفيضة لطريق إربد 
جرش عمان.

رابعاً : الترهل الاداري الذي يؤدي إلى فساد إداري لا يقل خطورة عن الفساد المالي وعدم اشراك المختصين وعدم أخذ رأي مؤسسات المجتمع المدني من ذوي الاختصاص وإشراكها في لجان التحقيق في الحادثة المفجعة ، لأننا نعتقد بأن اللجنة التي تم تشكيلها هي أقرب إلى لجنة تشخيص فني أكثر من أن تكون لجنة تحقيق لأن بعض الوزراء والمسؤولين من أعضاء اللجنة ينبغي أن يخضع للتحقيق .

خامساً : إيلاء هذا العلم الأهمية التي يستحقها في مناهج وزارة التربية والتعليم بمختلف مراحله وخاصة في الثانوية العامة وتدريسها من قبل معلمين مختصين بعلوم الارض والبيئة بما في ذلك تنظيم الرحلات العلمية للمواقع ذات الطبيعة الجيولوجية وهذا ما لم يحدث لغاية الآن .

وبقدر الحزن الذي يعصر قلوبنا على من فقدناهم يجب ان يكون حافزاً لمراجعة الأداء لأخذ العبرة والاستفادة من الدروس والعبر كي لا تتكرر ونفجع مرة أخرى بخسارات مؤلمة وموجعة.

وأخيراً نقول بأن السيل الجارف كان قد جرف معه أحلام أطفال بعمر الورود ولا نريد أن يجرف باقي ما تبقى لنا من أملٍ في التغير والاصلاح .

إنا لله وإنا إليه راجعون .

Auratechs Solutions جميع الحقوق محفوظة لنقابة الجيولوجيين الاردنيين, © 2024 | تصميم و تطوير